أحدث ما نشر

رواية نقطة أول السطر





بسم الله الرحمن الرحيم 
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
يسرني ان اضع روايتي التي هي من تأليفي لتشاركونني فيها , لا أعلم أن  فلقد عملت جاهدةً لكتابة أول رواية لي ربما اكتشفت فيها حبي للكتابه او انها اصبحت هوايتي جل ما أعلمه ان الكتابه أصبحت شغلي الشاغل ...




بَدَأتْ بِكِتابَة هَذِهِ الّرِوايه بِتاريخ :: 26/6/2011


اْهْدَاءْ للْقَاْرٍئْ :
رُبَماْ هِيَّ الْحَيَاهْ مَنْ تَصْنَعْ مِنْا أَبْطَالاً ، وَلَرُبَمَا كَانَ هَذَا الّدَوْرْ أَيْضَاً للأَفْكَارْ ... 
الْحَيَاهْ الْتّي نَعِيشَهاْ قَدْ تَكُونُ هِيّ الّدَافِعُ الْقَويّ الْذيْ نَسّتَمِدُ مِنْهُ الْقُوَهْ ... 
الْحَيّاهْ مُجَرّدْ كَلِمَهْ سَتَتَلاشى مَا إِذَا حَانَ مَوعِدْ الْفِرَاقْ ...
الْحَيَاهْ قَدْ تَكُونْ هِيّ سَبَبْ وُجُودِنَاْ فِي هَذَا الَكَوكَبْ ...
وَقَدْ تَكُونْ أَيّ سَبَب أَخَرْ غَيّرْ مَعْلومْ ...
أَفْكَاريْ كَادَتْ أنْ تَتَدَفّقْ مِنْ خَيَالي الْوَاسِعْ ...
فَسَارَعَتْ نَفْسي للتّعْبيرِ عَنْ مُحْتَوى بَقَاياْ هَذِهِ الأَفْكَارْ الْتي ظَلّتْ عَالِقَهْ في الصّميمْ ...
وَهَا أَنَا ذَا أَهُمُ بٍالتَّخَلُصْ مِنْها، لِيّكُونَ وُجُودَهَا فِعْلاً مَاضِيّ...
فَكَوَنَتْ هَذِهِ الأَفْكَارْ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسها
 رِوايَه قَدْ تَحْمِلْ مَعَها الْكَثيرْ...
أَفْكَارٌ كَوَنَتْ أَبْطَالَها بٍنَفْسِها ...
خُذُوا مِنْهَا وَاقِعَ مَا أَرَدُتُمْ ...
وَ اطّرُدوا الْبَاقِي الْمُجَزءهْ مِنْهَا للْبَعْضْ الآخَرْ، لَعَلَّهُمْ سَيُحِبُونَها عَلى قَدْرِ مَا كَرِهْتُموهُ ...

تحيـــــــاتـــــــــيــــــــــــــ ::: 

{{ رانيهــ }}:::





الجــ الأول ـــزء :::
(( القُضْبَانْ الْوَهْميّه))....


{-بعد النظر في الأدله و التّحقيق، قررتْ الْمحْكَمهْ بِأَنَ الْمتهمْ خالد بريء من التهمه الموجهه اليه محكمه رفعت الجلسه.}

شعوره جدير بالفرحه ، شُعوره دفعه باللاّمبالاه في وسط جموع الْحاضرين.

 أطْلَق الْعنان لدموعه المحبوسَهْ بالإِنهيارْ، عدم الأكتراث أن دل على شيء فأنه يدل على مدى البهجه التي غمرته حينها.
كانت دموع الفرحه ممزوجة مع الأصوات في القاعه لم يبالِي لتلك الأصوات ، و كاد أن يخر ساجداً لله عز وجل الذي أخذ بيده و أظْهر الْحق فأَيقن أن العدالَه الإِلآهيه أَقوى أضعَافاً مضاعفه من العداله الدُّنيويه.
كَان في قمة سعادته ، لكونه برئٌ من تهمة لم يكن مجرماً فيها، لكنها تلبسته رغماً عنه .
يقال : (( المجرِم برئ حتى يتم أدانته )) لكن بِكون هذا الكلام لا يتطابق مع حالته إِلا أنه استبدلها بِأن،(( 
البريء متّهم حتى يتم أصدار الحكم عليه )).

 كان مجرد تحليل من خياله لما جرا له و كان كفيل لقطع الصراع الداخيلي بالنسبة له.
أقبل عليه بإبتسامة ، لطالما خففت عنه جزءاً من معاناته .
مروان رفيقه في الزنزانه، ذاك الرجل الذي تشكلت في ملامحه كل معاني الرجوله، و تشكل في قلبه كل معاني الأخلاص ، كان يتقاسم مع خالد جميع همومه ، رغم مشاكله التي كانت أقوى من خالد إلا أن مروان كان دائماً مخففاً لخالد في حالات ضعفه.
لطالما أحس خالد بِعمقِ الحزن في عينيي مروان، لطالما توقع أن حزن رفيقه مروان أقتبِس من جراء وجوده في السجن ، ذلك ماجعل من خالد أن يكون فضولياً لمعرِفة سبب الحزن الذي يعاني منه مروان ، فأدرك خالد حينها أنه كان صائباً في أعتقاده بعد أن طرح على مروان سؤاله عن سبب حزنه الدائم فلم يكن ألا من جراء تواجده في السجن وما كان من خالد إِلا أن قام بِدور المخفف عن مروان ..


مروان: { - ألف مبروك، تمنيت أن أكون بجانبك ، لكن ليس بِاليد حيله .}
قال مروان هذه الجمله و كانت ملامح الحزن مرتسمه على وجهه ، تمنى مروان أن يكون هو من سيخرج بدلاً من خالد، لكن شعر خالد بمدى تعاست مروان فما كان منه إلا أن يقول: 



{- لا عليك يا مروان ، الله المستعان . }
قال خالد هذا الكلام و لكن انقلبت الأَدوار هذه المره و جعلت من خالد ممثلاً لدور الحزن بينما جعلت من مروان هو الأَخر أَن يأخذ الدور الأَساسي أَلا و هو دور المخفف من حال خالد ،
قال مروان و قد لاحظ الحزن الذي انتاب خالد بشكل مباشر :


، مروان :{- الحياه صغيره، و القلوب ستتقابل .}
رسم خالد ابتسامة رضا على محياه على أَمل لقاء القلوب الذي عبر عنه مروان في كلامه، و إن لم تكن في الدنيا ، دعا المولى من الصميمْ أن يكون في الأخره فهو الذي ينصت الى العبد في كل حين .
انطلق خالد إلى الخارج و هو يسارع الخطى ، و كأَن غمامهـ تتلاشى تدريجياً من عينيه، و كأَنه الخلاص المنتظر .
كان يرى الشيء الذي كان يلازِمه في افكارِه، و يجول في خاطرِه، كان يتوق إلى هذه اللحظه ، و هي لحظه الحريه.
كان سجين نفسه و عقله ، كان الشخص الصحيح في المكان الخطأ.
مر على خالد ذاك الموقف ، في الشهر الذي مضى ، ذاك الموقف الذي صلب كيانه، لم يكن يتوقع انه سيؤول به الحال الى ما آلَ اليه .
كان اتهام باطلٌ له ، من أَحد الموَظفين الْحاقدين لخالد ، لم تكن بِاليد حيله، لم يصدقه أحد ، يأس خالد من تكذيب الجميع له ، و لكنه لم ييأَس من المولى عز وجل كان كل ما ناجى ربه علم انه سيفرِج عن همه، .
{- خالد أنت متهم بتزوير المعاملات.}


هذا هو سبب دخول خالد الى السّجن ، كان موقفاً طائشاً من أحد المُوظفين الحاقدين .
لم يكن خالد سوى مستخيراً بربه الى أن فرج همه ،
وها هو الهم قد بدأ بِالتّلاشي.
بدأت صورة القضبان بتَّلاشي مع كلِ خطوةٍ يخطوها خالد الى الأمام، بدأ ذكرى تواجده في هذا المكان بِتّلاشي شيئاً فشيئاً من تفكيره المتصلب ، بدأَت صوره الْقضبان تصبح أبعد وأبعد،
إلى أن تلاشت كلياً ، إلى أن أصبحت قضبان وهميه ، قضبان لم تحتل أي جزءاً من مخيلته...



تعليقات لأشخاص أرغمتني للمضي قُدُماً :
التعليق : {{ فياضان الحرف هنا كان بتدفق محبرتك , فكم اسرنا حرفك بابجديات الكلمات الرنانه ,كلماتك تدل على حسن خلقك وبريق ذائقتك فلاتحرمينا يوما الحسن وبريقه ,يستطيع المرء أن يكتب ويقدم ولكن ...!!  لايستطيع أن يجبر الخلق على تذوق جمال درر الحرف منهم روووووووووعه بما تعنيه الكلمه}}


الرد :/ {{ الله يجزييك الف خير على هذه الكلمات الرائعه و لحسن خلقك و كلماتك الراقيه التي شجعتني و خجلتني في آن واحد لك جزيل الشكر مني }} ..


تعليق : {{ لست كاتبة ولا ناقدة ولكن أرى أمامي مشروع لكاتبة متميزة في المستقبل القريب بإذن الله صراحة قرأت النص أكثر من مرة فالرد عليكِ أمانة تحملتها فكان لابد لي من القراءة بتأني ليكون رأيي صادق فلم أجد ما أنتقدكِ فيه عزيزتي ...
بداية موفقة والله يرعاكِ....}}
الرد :/ {{ الله يوفقك على هذا الرأي الصريح , والله يسمع منك فأنا أحلم بأن أصبح كاتبه بأذن الله و شكراً}}



الْجُـــ الثّانِيْ ـــزْءْ :::
((هَاَ أَنَاْ ذَاَ)) ....
كان يتأمل ما حوله, و كأنه جديد في هذا العالم , لم يدرك 
الوقت الذي مضى و هو في سيارة الأجره . 
ظل باله مشغولاً على حال والدته و أخته مشتاقٌ هو أليهِما 
ذهبت به أفكاره ألى بعيد ‘ ظل يتأمل المناظر المطلّه من على نافذة السَّياره .


ساقه تفكيره ألى حيث لا يدري ‘ و تذكر جملةً كانت محبوسةً في الوجدان :


(( نحن كلنا مسافرون و هذه الدنيا هي صالة الأنتظَار )) ‘ جملَة كانت كفيلهْ لتذكرهْ بين الْحينِ و الأخر بأن العمر يمضي دون أن يشعر المرء بذلك .......بعد لحظاتٍ من الزمن ‘كان قد وصل ألى المكان المنتظر ‘ كان يجر الخطى بثقل من الأرهاق النفسي و الجسدي و العقلي.
..............
لم تكن مصدِقه لما قد رأته عيناها ‘ فتحت عيناها بدهشةٍ و شوقاً واضحيين ‘ فركت عيناها مكذِبةً بها وجود خالد في مكان توَاجدها.


ابتسم خالد على منظر أخته فاطمه و قال: 


خالد :{- هل ستبقين على هذا الحال طول الدَّهر ؟ }.
ذهبت أليّه مسرعةً ‘ و جمعت كل الشّوق و الوله ‘ بأَخذها له بِالأحضان معبِرةً له عن مدى أشتياقها.


فاطمه هي أخت خالد ‘ لم يكونا أخوةً فقط ‘ أنما كانا أقرب مِن ذلك ‘ كانا توأميين ‘ يشْعران بنفسِ الطَّريقه ‘ هي تبكي عِندما يبكي ‘ بيِنما هو الأخر يضحك عندما تضحَك ‘ كانت هذه هِي الأُخوه الحقيقيه ‘ الأُخوه الصّادقهْ ‘ و الرابِطْ الْقوي . 
قالتْ فاطمه و هيّ ممسكة بِيديه خوفاً منها عليه أَن يذهب مجدداً من غيرِ عوده ‘ هي لم تكن تعلم أن خالد مضى شهراً في السِّجن ‘ بل كان في معلومها أنه في رِحلة عمل كما قال لهم خالد ذات مره و هو وراء القُضْبان .


فاطمه:{- لِمَ لَمْ تخبِرنا بِموعد وصولك حتى نكون في استعداد ؟} . 


شَعر خالد بِشوقِ أُخته له ‘ و كان ذلك واضحاً من نبّرَة صوّتِها في كلامِها. 


خالد: {- لا داعيِ ‘ أَردت أَن أُفاجِأَكم ‘ و لكن أعذريني فلم أحظِر لكي هديه }.


قطع عليهم الحوار ظِل ‘ كانا سَبَباً لحُزن خالد المستمِر في السِّجْنْ لطالما أراد خالد أن يرتمي في أحضَانها ‘ لكي تخفَفَ عَنْه . 
أقّبَلَ خالد مسرِعاً نحو هذا الظِّل ‘ كَانَتْ هي أُمَهُ ‘ أسرع يُقبِلُها على جبينها و يديها ‘ شعر خالد بِرغبةً في البكاء ‘ وقَالَ في نفسه 



"لطالما تقت ألى أَن أَرى مُحياكِ يا أٌمي ‘ شهرٌ مِنْ دونك كاد أن يحطمني."


ساد الصمت بعد ذاك الموقف ‘و حلَّ السكون ‘ تَمَنى لَو أنه كان رضيعاً في أحضان أمه ‘ تمنى لو أن لحظة العمر تقف عند هذا الحد ‘ تقف و هو بين أحضَانها ‘ حضنها الدَّافئ .


أدرك أن جزءاً من حُزنه كان من أِثر بُعْده عن والدته و أُخته ‘ و ها قد أنجلى هذا  الجزءَ منَ الْحزن بعد أن عاد ألى أخته و والدته.


فعلم أنّ الحياه لَيست ألا فراقٌ و لقاءٌ .


الجـــ الثالث ـــزء :::
( مَاضٍ مَضَى وَ حَاضِرٌ أَتَى )





يخترقُ ضَوء الشمس نافذته المطله من على الغرفه ‘ يداعب 
هذا الضّوء عيناه الناعستان ‘ يفتحهما ببطءٍ و كأنه يفتح بداية حاضر ٍجديد ‘ بِداية عالم جديد ‘ يجر اللحاف عن جسده المنفرد على السرير ‘ و لكن سرعان ما سيطرت عليه رغبةً شديدةً في النوم ‘ كاد أَن يغلِق بهما جفناه المنهمكتان ‘ ألا أن قطع عليه رغبته ذاك الشعور بالجوع ‘ لم يتمالك نفسه بِالتفكير في الجوع الذي كان حاجباً عنه رغبته بِالنوم.




قادته قدماه ألى حيثُ انبعاث رائحه شهيه ‘ ليس عليها ألا أَن تجعل من الجائع أن يتضور جوعاً .



سمعت فاطمه صوت خطواته مقبلةً عليها من بعيد ‘ فالتفتت على خالد بِبتسامه تجعل من بِداية صباحه و يومه مشرقاً قائلةً له فاطمه :


{-صباح الخير ‘ كيف كانتْ أول ليِلةً لك بعد غيَّابٍ طالتْ

مدته ما يقارب الشهر؟} .



خالد: {- ليلتي كانتْ مثل الّليالي التي كنت فيها بِجوارِكم

من قبل } .



قالها خالد ‘ و ملامح البهجه ترتسم على وجهه كالعاده.

لم تكن ليلته مثل الليالي التي مرت من قبل ‘ كما قال بل

كانت أَكبر من ذلك ‘ بِكون تلك الليله التي قضاها في الأمس لم تكن في الحُسبانْ ‘ لأنه ظنَّ أنّ نهايته سَتكون في ذاك المكان ‘ بين جموع المجرمين ‘ وراء ذاك الحديد الذي يحدد مصير الذين يحتويهم.



أراد خالد أَن يكمل يومه كما كان يكمله في الماضي ‘ أَراد

أن يتوجّه بِكاملِ نشاطه و حيويته المعتاده ألى الشّرِكه ‘ لَكن لَيس بِمقدورِ الماضي أن يحدث في الحاضر .



فقرر خالد أن يكمل الباقي من يومه بين أرجَاء غرفته ‘ همّ بِالنُّهوضْ من على طاوِلة الطّعام ‘ و ما كاد أَنّ يخطُو خطْوةً ألى الأَمامْ ‘ حتّى همَّ هاتفه المحمول بالرّنين ‘ أطَّل على شاشة الْهاتف المحمول لِيعرِف منْ هُو الْمتصل ‘ المتصل ابراهيم).



ابراهيم ‘ هو صديق مقرب لخالد ‘ يعرِف عنه أدق تفاصيل حياته ‘ يعرِف خالد أَكثر من معرِفة خالد لنفسه ‘ كان ابراهيم أخ مقرب بِالنِّسبه لخالد ‘ كما هو الحال مع ابراهيم أيضاً ‘ دامتْ صداقتهما من مرحلة الثَّانويه ‘ ألى أَن وصلتْ ألى هذا المستوى من الصّداقه. 



لم يشأ خالد أن يعكر عليه أحد رغبته على الأنفراد بِنفسه بِغرفته ‘ فقام بِالضغط على زِر الصّامت لدى هاتفه.

صعد ألى غرفته و كان يلقي بِنظَراته على كلِ ركنٍ فيه . 

كان مشتاقٌ الى كل ركنٍ فيه ‘ و في كل ركن حملت لَه ذكريات منّ المَاضي .
وقع نظره على أخرِ كتاب كانَ قد أنهى قرآته فيه ‘ كان محتَوى الكتاب مثل محتوى أَيّ كتابٍ عادي يبدأْ بِبِدايه قَد تجعل منّا فضوليين لمعرِفة النِّهايه ‘ و تنتهي بنهايه قد تكون ليست كما توقعناهَا.



قام مسْرعَاً و كأَنما تذكر شيئَاً ذو أَهميّه كبيره ‘ أَخذ يبحَث

في أَدراجِ مكتبتهْ الصَّغيره ‘ أَخذ يبحث و يبحث ‘ ألى أَنّ 

وجدَ كنزه الثَّمين ‘ كان مجرد كتاب بِالنسبه لأيّ شخصٍ قد يراه ‘ لكنْ بِالنسْبة له كنَ كنزٌ وَ لن يملِكه أحدٌ سِواه.



كان عنوان هذَا الكتاب مثيرٌ للْفضولْ (( الذّكريات)) ‘ أَيُّ شخصٍ قد يكون لديه فضولٌ لمَعرِفَة ما يحمله هذا الكتاب ‘ 

كان ممتلأَ بِذكرياته ‘ بِأَيَّامه الْكثيره ‘ كوّن من أَفكارِه كتابٌ ذو حجّم كبير و ذُو قِيمةٍ أكبر . 



كتابٌ حمل جميع أَسراره دون البوْحِ بِها لأحد ‘ معانيٍ كثيره قد تدفقت في محتواه .



أَخذ يتَصفح في محتوى هذا الكتاب ‘ كان يضْحك تارةً لذِكْرى يوم سعيد ‘ و يحزن تارةً أخرى من ذكرى يوم صعب لم يجد له حلاً فيهاْ .



أخذت يداه بِتحريِكْ صفحات هذا الكتاب ‘ ألى أن توقَف عند أَحد الصَّفحات الفارِغه .



كان يريد أن تحتوي هذه الصّفحه على مفهوم الْغنَى ‘ سطَّر كلماته و كانت من الصَّميم ‘ بدأ بِكتابة ما جمعه في عقله :



" ليست الحياه مالٌ وَ غنى ‘ أنما الْغنى غِنَى النفس ‘ لكن رَغبة الانسانْ بأن يكون غنياً ليس شيئاً مقدوراً عليه ‘ ماذا لو كانت الحياه قد جعلت من الجميع  أغنياء ‘ ماذا لو كانت مظاهر الفقر ليست لها وجودٌ في حياتنا ‘ لآلَ الينا الحال بأفضل مما نحن عليه الآن ‘ لكن (لو) ليست ألا أداةً شَرطيةً نستخدمها لربط الكلمات مع بعضها ‘ و الغنى والفقر تضاد لكلمتين ليستا بالمعنى نفسه ‘ و كما أنها مظاهر تُمَثلنا فيها بينَ بعضنا البعض" . 



أَلقى بقلمه ‘ و توجهه نحو جهاز الكمبيوتر ‘ فَتَحَ مُحرك

البحث جوجل و كَتَبَ بتلقائيةٍ فيه "كيفَ أُصبح غنياً" ‘

ضَغَطَ على زِر البحث منتظراً منه الرد ‘ لكن محاولته

أبدت بالفشل بأِعطائهِ النتيجه المطلوبه‘ و كانت هي كما كان من المتوقع أن يكون ‘


"لَمْ يُفْلِحْ بَحْثَكْ (كَيّفَ أَصْبِحُ غَنِياً) بِأِظْهَارِ أَيّ نَتَائِجْ"

                            الــجـــ الرابع ــــزء ::: 
                              (السّحْرْ الطَّاغِيْ)


بدأَ ضوء الشّمس بِالتّخافت تدرِيجِياً ‘ معلناً عنه نهاية يومنا 
الذي بدأناه .


مظهر غروب الشّمس من أعذب المظاهر الطَّبيعيه التي تسحر النّاظرين فِيها ‘ و تبث فينا روحاً عند الأطلالة عليها و تجعل منّا عشاقاً لذاك المنظر الخَلاب.


كان خالِد يطل على منظر الغروب من نافذة غرفته ‘ و كان منظَرْ الغروب قد سحر كيانه و أَفقده تركيزه بِما حوله و مضى وقتاً طويلاً على تأَمله لذاك المنظَر . 


الى أَنْ أُخذ هذا المنظر بِتَّلاشي شيئاَ فشيئاً ‘ و مع أِختفاء هذا المنظر الذي أودعه الى عالم أخر حينئذ اسْترجع استيعابه للأمور .


بعدها ألقى بِنفسَه على سريره ‘ و بدأ بِاسترجاع أحداث يومه ‘ فتذكر اتصال ابراهيم له ‘ فأسرع للأتصال به ‘ فأتاه صوت ابراهيم بعد أول رنه .


أبراهيم : {- أسعد الله مساءك.



خالد : { - و مسائك ‘ ما هو اتصالك المفاجئ بي هذا الصباح ؟

ابراهيم : { - لاشيء ‘ لكنني أردتُ الأطمئنان عليك بعد أن علِمْتُ انك لم تزل في السجن. }



خالد : { - و كيف علمت بذلك ؟ }



ابراهيم : { - قمت بزيارتك في السجن ‘ و لكن قالوا أنه تمَّ الأفراج عنك }.



خالد : { - حسناً ‘ أريد ان اراك هل أنت خارج المنزل ؟ }.



ابراهيم : { - نعم نحن في انتظارك لاتتأخر }.



خالد : {- حسناً } .

و أغلق خالد هاتفه ‘ و أسرع لأرتداء أقرب الملابس توفراً ‘ و كان يمر بين الممرات أسرع من البرق ‘ و بعدها أشر على اول سياره اجره تقع ناظريه عليها ‘ يسرع للصعود بها ‘ وبينما يريد السائق معرفه المكان الذي يريد خالد التوجه اليه ‘ يأمره خالد بتحريك السياره الى ان يطلب منه التوجه الى المكان المطلوب ‘ ينفذ السائق بما أُمِرَ به بسعة صدر ‘ بينما يقوم خالد بالاتصال على ابراهيم بِكونه لا يعرف مكان تواجدهم ‘ يرد أبراهيم منتظراً اياه قدوم خالد .



ابراهيم : { - هل سيطول انتظارنا لك ؟ } .



خالد : { - لا سأكون عندكم بعد لحظات ‘ و لكن من المفترض ان تخبرني من قبل اين ستكونون ؟ } .



ابراهيم : { - لقد نسيت ذلك متأسفٌ جداً ‘ وافينا عند البحر ستكون ليلتنا خياليه } .



خالد : { -حسناً ‘ كونوا في انتظاري } .



فعلاً ستكون ليله خياليه عند البحر كما قالها ابراهيم ‘ ما أجمل سكون البحر في الظلام الحالك ‘ البحر هو ملجأ الانسان عند الضيق .



يعلم هؤلاء الناس أن البحر لن يستطيع سماعهم لذلك يبوحون له كما لو كان صديقاً مقرباً لهم ‘ و لانه ايضاً هنالك احتمال لسبب اخر لأقبال الناس عليه والسبب هو لأن البحر له بدايه و ليس له نهايه كما هي همومهم التي تبدأ ولا تنتهي عند مستواً معين .



أخذ خالد يبحث عن ابراهيم هنا وهناك ‘ و لكن اخذه منظر البحر الخلاب الذي لم يره منذ ذاك اليوم ‘ كانت تخيلاته تسبح في هذا البحر الواسع ‘ يفكر لأيّ مدى سينتهي هذا البحر ‘ و لماذا لا يوجد لديه نهايه ‘ بالفعل تخيلاته كبيره و واسعه لكنها ليست اوسع من هذا البحر .



قطع على خالد الأستمتاع بالمنظر ابراهيم عندما كان قريباً من مكان تواجد خالد فشاهده عن بُعد ‘ فأتى ابراهيم نحوه و هو يقول



ابراهيم : { - هل اختفيت من هذا الوجود ام لازلت فيه ؟ } .



خالد : { - لم أكن موجوداً حتى أختفي } .



ابراهيم : { - كنتَ موجوداً بالنسبه لي } . 



خالد : { - وكيف ذلك؟ } .



ابراهيم :{ - كُنتَ في فكري } .



ابتسم خالد عندما عَلٍمَ مدى مكانته عند ابراهيم حيث انه كان يشغل حيزاً من تفكيره .





من جهةٍ أُخرى لم ينتبه خالد لوجود طلال بينهم لانه لم يَبُح بشيءٍ أطلاقاً انما كان منصتاً للموج أكثر من انصاته لحديثهم

لم يرغب خالد بتعكير صفوه ‘ لكن لم يكن مطمئناً على حال 
طلال ‘ فبادره بالسؤال :



خالد : { - اين يسرح عقلك ؟ } .



طلال : { - دع هذا العقل وشأنه فأنه لن يتوقف عن السرحان الا في اخر يوم لي في عمري} .



خالد : { - لماذا التشاؤم هو شعارك في الحياه ؟ } . 



طلال : { - و هل كنت يوماً متفائلاً في نظرك ؟ } .



خالد : { - أشكُ في ذلك } .

كان طلال كثير التفكير على المسؤوليه التي وجهت اليه ‘ مسؤولية اخوته وامه التي حملته عبئاً ثقيلاً ‘ رغم تحسن حالته الماديه لديهم ألا انه كثير القلق على عائلته ‘ ولكي حتى يكون لدينا المقدره على تحمل المسؤوليه يجب ان يكون الصبر هو مبدأُنا وربما ايضاً يكون الصبر لدينا في هذه 


الحالات هي من أهم العوامل الرئيسيه .



لم يشأ خالداً أن يجعل من الحوار يأخذ مجراً أَخراً يؤدي بهما الى حيث لم يشاء ‘ فالتفت الى البحر مطلقاً عنان ما في ذاته ‘ كان مقابلاً للبحر لم يكن يريد أن يتفوه بأيّ كلمه اخرى اراد فقط التمعن في هذا المنظر منظر البحر الذي قد يبتلع همومه بعفويه وتلقائيه ‘ تخيّلَ خالد لو كان البحر ناطقاً لقال لكل شخصاً قادماً اليه :



" رغم اتساع جعبتي الا انني لا أملك مفعولاً سحرياً لأزالة همومكم " .


ولرددنا عليه قائلين :



" لا نريد مفعولك بل نريد النظر الى سكونك في الليل ‘ و اتجاه الأمواج المعاكسه نحونا التي قد تعيد الحياةَ الى انفسنا 
و أذا كانَ على المفعول فربما مفعولك يتَكَمّنْ على أطراف أمواجك ‘ و في استنشاق هواءُك المنبعث منك و قد يكون هذا الهواء مسكناً ذو مفعولٍ ناجح 


" .





الجـــ الخامس ــــــزء :::
((شُعُوْرٌ يَقْتَحِمُ كَيَانَنَاْ)) :::


في كثير ٍمن الأحيان نشعر بالملل لتكرار الروتين اليومي في حياتنا ‘ لأن التكرار المستمر في حياتنا قد تشعرنا بالضيق النفسي و الرغبه في تطوير ذاتنا باكتشاف أساليب جديده في الحياه .


كان الروتين اليومي لدى خالد يتكرر بتكرار الأيام و الساعات ‘ و كادَ المللُ و الفراغ الوقي لديه أن يجعل من حالته النفسيه تتدهور ‘ فقرر بالبحث عن أيّ وظيفةٍ كانت ‘ اتصل على ابراهيم لكي يقوم بأيصاله بسيارته و أيضاً لكي يقوم بمساعدته .


خالد: { - هل ايقظتك من نومك ؟ } .


ابراهيم: { - نعم ‘ لقد فعلتَ ذلك } .


خالد:{ - أعتذرُ منك ‘ فقد كنتُ أُحتاج مساعدتك في شيءٍ ما } .


ابراهيم : { - اعذرني ولكنني لم أنم منذُ البارحه } .


خالد : { - حسناً ‘ لابأس نوم العوافي} .


ابراهيم : { - في امان الله } .
كان مُصراً على الذهاب و البحث عن الوظيفه ‘ فما كادَ أن يغلق هاتفه حتى أجرى من بعده اتصالاً على طلال علّهُ يُفيده بشيء.


خالد:{ - صباحك خير وبركه } .


طلال:{ - الخير فيك}. 


خالد:{ - هل أنت مشغول ؟ } .


طلال:{ - لقد خرجتُ من المنزل ‘ و أنا الآن في السياره ‘ هل أنت على مايرام أم ماذا ؟ } .


خالد : { - نعم ‘ كل شيءٍ بخير ‘ أُريدُ منك مساعدتي للبحث عن وظيفه ‘ هل تستطيع أن تَمُرَ بي ؟ } .


طلال: { -بالطبع لا مانع عندي } .


خالد: { - حسناً سأكون بالأنتظار }.
أقفل خالد الخط وكان يملكُ بصيصاً من الأمل لكسر حاجز الروتين المزعج ‘ الذي يَعُدُ من قائمه المرفوض بشده لديه.
توجهه خالد نحو الباب لكي يهم بالخروج ‘ بعد أن خرج ظلَّ واقفاً منتظراً قدوم طلال اليه ‘ و بعد مضي زمن من الوقت أقبل طلال على خالد ‘ و صعد خالد في السياره.


خالد: { -لقد انقذتني بتنفيذ جزءاً من الخُطه } .


طلال : {- و أيُّ خطةٍ تقصد ! هل هذا لغز و تريدُ مني ايجاد الحل له ؟ } .


خالد :{ - و أن طلبتُ منك ايجاد الحل هل تستطيعُ ذلك ؟ } .


طلال : {-للأسف لا ‘ لأن غموضك مثيرٌ للقلق لدي } .


خالد: { - ماذا تقصد ؟ } .


طلال : { - لاشيء} .


خالد: {- حسناً ‘ أريد البحث عن وظيفه و هذا ما دفعني للجوء اليك } .


طلال:{ - لا مشكله سوف أقوم بأيصالك الى حيث ما تُريد} . 


خالد: { - شكراً لك } .


طلال: { - لا شكر على واجب } .
رغم مساعدة طلال لخالد الا ان المحاوله في ايجاد وظيفه باءت بالفشل ‘ فها هو ذا البصيص من الأمل يختفي لكي يتميز بالأختفاء وعدم الوجود .


يأس خالد من البحث عن وظيفه شاغره ‘ أحس بأنه أن لم يجد على وظيفه سيكون الروتين كفيلاً لتدميره تدميراً قاسياً ‘ لكن بمقارنة تعبه من البحث الذي دام وقتاً كافياً ‘ و مع الروتين الذي سيأخذ مجراه بتدمير حالة خالد النفسيه الا انه فضل ان يذهب ليرتاح في المنزل.


كان خالد قد طلب من طلال ان يتركه و يذهب ‘ وبعد جهدٍ استهلكه خالد ‘ كان متوجهاً الى المنزل ‘ وفي طريقه للعوده اتصلت عليه والدته.


الوالده: {- اين انت يا خالد ؟ } .


خالد : { -انني في الطريق سأتي حالاً } .


الوالده: { - أردت ان اخبرك شيئاً مهماً } .


خالد: { - مالذي حدث يا امي ؟ } .


الوالده: {- خالتك! }.


خالد:{ - ما بها خالتي؟ } .


الوالده: { - ارتفع الضغط لديها‘ وهي الآن في المشفى}.


خالد:{- لا حول ولا قوه الا بالله}.


الوالده : { - اردنا ان نذهب اليها سوياً لكي نطمأن عليها } .


خالد :{ - حسناً ‘ كونوا في استعداد ريثما أصل } .


الوالده : { جزاك الله خيراً }


خالد : { أطال الله في عمرك ‘ مع السلامه } .
في طريقهم الى المسشفى كانت علامات التعب و الأرهاق باديه على وجهه خالد ‘ التعب النفسي قد جعله منهكاً الى أبعد الحدود .


عند وصولهم الى المشفى توجهوا الى قسم الاستقبال للأستفسار عن تواجد مكان الغرفه ‘ فأقبلت الممرضه لكي تدلهم عليه . عند وصولهم أقبل خالد ليسلم على خالته التي كان طريحة الفراش ‘ فكان تسأله عن حاله بكلماتٍ قليله ‘ يبنما كان هو الأخر يتحمد لها على سلامتها .


بعد وصولهم بلحظات دخلت عليهم فتاةً لم يكن خالد يعلم من تكون ‘ لكن دفعه الفضول لمعرفه تلك الفتاه ‘ بينما كانت اخته فاطمه تتحدث اليها كان هو منصتاً لهما الى ان نادتها " 
شوق " اذاً هي ابنه خالته ‘ كان خالد يطل عليها بنظرات فضوليه ‘ كان يحاول قدر الأمكان أخفاء نظراته التي كانت تطل من غير قصدٍ نحوها ‘ يأنبهُ ضميره على فعلته فيصرف نظره عنها ‘ لكنها هي لم تكن تكترث به ابداً بل كانت متجاهلتاٌ له تماماً ‘ و قبل ان يصرف نظره عنها كانت فاطمه قد بدأت بالشكوك لكنها منعت شكها بالسيطره عليها .


و بعد أن صرف خالد نظراته عنها ايضاً بدأ يتوه في عالم الخيال ‘ بشعورٍ جديد قد اقتحمه لم يكن الحب من أول نظره كما يقولون بل كان مجرد شعورٌ جديدُ قد اقتحمهُ ‘ وقد يختفي هذا الشعور مع مرور الأزمنه و في الحين الأخر قد يكبر هذا الشعور الى ان يحتل جميع عواطفه و كيانه .


و ما أذا أوشك هذا الشعور من الأختفاء ربما سيترك بصمةً قد تمحوها الأيام ‘ و في الحين الآخر قد تظل بصمتها عالقه في الروح كجمرةٍ في قلب ٍ مكسور .


همّت والدته بالنهوض معلنتاً انهاء الزياره و قامت فاطمه للحاق بها أما خالد فقد كان في عالمه الخاص ‘ عالم التفكير بالوظيفه التي ستجعل من يومه يوماً افضل و تقوم بتحسين وضعه ‘ و أما قلبه فظلَّ يسرح في عالم الشعور الجديد الذي اقتحم كيانه من دون تفسيرٍ لما آلت اليهِ نفسه.
                       
                       الجـــــ السادس ـــــزء :::
((نداءٌ ربَّاني))


لكل شيء في هذه الحياه سبب ‘ و الأسباب التي تبث فينا الراحه النفسيه والاستمرار بالعيش على هذه الارض هي وبكل تأكيد الايمان الصادق الذي ينبعث بكل صدق من قلب المؤمن و التي تغمر النفس بالبهجه وتجعل مسيرنا في الحياه مستقيمه الخطى وتنير دروبنا وقلوبنا و في نهايه المطاف نعيمٌ فيه ملاذنا ليست بزائله للأبد انما هي جنه المأوى .
صوت عذب يتغلغل الى اذنه ‘ صوتا يشفي اصحاب القلوب الضعيفه ‘ يبث روحا فينا كما لو كنا في عداد الموتى ‘ لم يميز خالد هذا الصوت و لكن بعد وقت وجيز أدرك انه صوت آذان الفجر فأسرع للذهاب الى المسجد لكي يكون في الصفوف الاولى .



مضى خالد بالمشي نحو المسجد و شعور بالتقوى قد تملك قلبه و الهواء الذي كان يستنشقه مع بزوغ الفجر بث فيه حلاوه الايمان .



جموع المصليين يقبلون الى المسجد للصلاه يهم خالد بالصلاة بينهم يشعر بأنه قد ملك العالم بيديه لوقوفه بالصفوف الاولى .



راحة نفسيه قد غمرت ذاته بعد صلاه الفجر أراد تقاسم هذه الراحه مع ابراهيم يعلم بانه نائم في هذا الوقت لانه ليس ملتزما بالصلاه يذهب بعدها متجهاً نحو شقه ابراهيم ولكن فكر بأخذ فطور معه من مطعم قريب من الحي و حين وصوله دق الباب ولكن يبدو بأن ابراهيم غاطٌ في نوم عميق فأمسك بمقبض الباب بتلقائيه و تبين بأن الباب كان مفتوحاً يقترب و يدخل و اذا به يطل نحو غرفه ابراهيم فيجد انه نائم وفي سابع احلامه وقرر ان يجهز الافطار الذي اتى به ‘ وبعد ان انتهى من اعداده للفطور ‘ ذهب لكي يوقظ ابراهيم الذي كان قد نهض بسبب الأصوات التي كانت تصدر من خالد جراء اعداده للفطور .



ابراهيم: { - كيف دخلت الى هنا ؟ }



خالد :{ - لقد دخلت الى هنا عن طريق مقبض بابٍ سحري
لم يقفل }



ابراهيم : { - من المؤكد ان طلال هو من تركه مفتوحاً }



خالد: { - و مالذي اتى بطلال هنا ؟ }



ابراهيم : { - كان معي في حين عودتي الى المنزل ليله البارحه وكنت في حالةٍ يرثى لها}



خالد:{ - و ما هذه الحاله التي يرثى لها؟ }



ابراهيم :{ - اظنّك تعلم فلا داعي لأن تحرجني بكلامك


خالد { - و لماذا الاحراج ؟ }



ابراهيم : { - خالد اعفيني من أسألتك}



خالد: { - اردت فقط ان اعلم ماهي الحاله ‘ هل كنت تقصد بحالتك ضياعك المستمر و عدم التزامك بصلواتك ‘ ام قصدت حاله السُكْر الذي كلانا يعلم نهايته }



ابراهيم :{ - لا شأن لك اتركني و انصرف }



كان خالد قد وصل معه الغيض الى مستوىً بعيد فقرر اخذ الأسلوب المقنع الذي من المحتمل ان يفي بالغرض .



خالد: { - انت لا تضمن متى سيحين ساعه مماتك ‘ انا فقط اردت تذكيرك بذلك بحكم الصداقه و الاخوه ‘ لا أحد يضمن جنته و لكننا قد نضمنها بالأعمال الصالحه ‘ وكل نفس ذائقه الموت ‘ تخيل لو انك مت و انت في حالة سُكْرِكْ ليله امس مصيرك كان سيكون محتوما تعرفه ولكن لا تستطيع ان تغير العيوب التي تجعل منك شخصا سيئا ‘ اتق الله في نفسك ‘ كما اريد لنفسي الجنه اريدها ايضا للذين احبهم ‘ لا اطلب من الله الا ان يصلح بالك و يهديك }



ابراهيم : { - ادع الله لي بالهدايه ربما تكون هدايتي على يدك }



خالد : { - نعم ‘ الله يهدي من يشاء ولكن يجب عليك ان تساعد نفسك لانك لن تكتفي فقط لدعائي لك بل بعملك انت }



وجد خالد المدخل الذي قد ينجي ابراهيم منه و شعر بتأنيب الضمير الذي كان يدور في داخله .


فما كان منه الا ان قام بنصحه اكثر كي يسلك درب الهدى الذي يفتحه الله في طريق اي مؤمن ليسلكه و في نهايه هذا الطريق تَكْمُنْ سعادته و نجاحه في ..حياته الدينيه والدنيوي .

::: الجـــ السابع ـــزء
((أُمْنِيَةْ الأَمْسْ حَقِيْقَةْ الْيَوْمْ ))


مجهول هو مصيرنا في هذه الدنيا لا نعلم ماذا سيقدم القدر لنا في حياتنا ربما سيكون القدر ضدنا وربما معنا لا ندري ماهو المصير المحتمل .




يعتصر الكآبه خالد لا يدري مالعمل لا يستطيع ان يظل طيله حياته من دون وظيفةٍ تُعِيْلُهْ .

كان مهموماً و هو في غرفته يفكر في حلٍ لتخليصه من هذا الحال .
 ذهب لِيُصَلِيْ ركعتين لينزاح همومه ‘ قام وتوجه للحمام ‘ توضأ وبدأ في الصلاه ‘ وحين انتهاءه من صلاته دعا ربه بكل صدق نيه بأن يفرج همه وغمه ‘ وينير دربه ويعطيه على نيته و ان يلهمه الصبر ‘ و أن يحقق له ما في قلبه ‘ و أخذ يتلو آيات القرآن الكريم ‘ و أخذ بعدها بالأستغفار و الذكر .




بعد ان شعر بالرضى من نفسه ‘ شعر برغبه في النوم و ما أن أوشك على أن يَغُطْ في نومٍ عميق حتى سمع رنةْ هاتفه فَزَعَ على جراءِ ذلك و انتابه شعورٌ بالغضب من المتصل رد على الهاتف ولكنه لم يُطِلْ عليه ليرى من كان المتصل فأجاب بصوتٍ غاضب ظناً منه انه كان احداً من أصدقائه .



خالد : { - ما خطبك ‘ أَلَمْ تَستَطِعْ تأجيل اتصالك هذا } .



المتصل : { -السلام عليكم ‘ هل المتحدث خالد ؟}



خالد:{ - نعم من المتكلم }



المتصل:{ - المحامي محمد يتحدث معك }



خالد:{ - أهلاً بك ‘ بماذا استطيع مساعدتك؟ }

المتصل:{ - اريدك أن تمرني الى مكتبي الآن اذا سمحت}

خالد : { - لماذا ‘ مالذي جرى؟ }

المتصل:{ - سوف تعلم كل شيء عندما تأتي الى هنا }

خالد: { - حسنا ‘ سوف آتي بالحال }

المتصل :{ - في انتظارك الى اللقاء}

خالد : { - مع السلامه}

أصاب خالد التوتر من اتصال المحامي المفاجئ له وطريقه كلامه كانت تؤكد له أن في الموضوع خطبٌ ما .

حين وصوله اسرع يسأل عن مكتب المحامي محمد فدله احد الموجودين على مكتبه .

قرع الباب و حينها أتاه صوت المحامي محمد .

المحامي محمد :{ - تفضل }

خالد: { - اهلا بك انا خالد الذي اتصلت به قبل ساعه }

المحامي محمد : { - اهلا وسهلا سعدت لرؤيتك كيف حالك ؟}

خالد : { - بخير رجاء ادخل في الموضوع بالحال فلقد بدأ التوتر يتلف اعصابي }

المحامي محمد : { - لا داعي للتوتر مطلقاً اخ خالد }

خالد : { - حسنا ‘ ابدأ بالكلام }

المحامي محمد : { - ابشر ‘ وددت ان اخبرك عن الورث الذي اودعه والدك لك }

لم يصدق خالد كلام المحامي له ‘ كان جاحظا عينيه من أِثْرْ الخبر ‘ كان يظن انه في حلم ولكن الواقع يقول غير ذلك لانه في عِلْمْ وعِلْمٍ مكشوف .


خالد : { - عن اي ورث تتحدث ؟ هل لك ان تشرح لي اكثر !}

المحامي محمد : { - حسنا ‘ اخ خالد قبل وفاه ابيك كانت وصيته ان تعلم عن الورث بعد سنه ‘ فلقد اودع والدك نصف حلاله لك ولأختك و لأمك ‘ والنصف الأخر يعود الى زوجة ابيك و اخوانك من اباك}

خالد : { - ما هذا الهراء ابي لم يكن متزوجا من امرأه اخرى غير امي ‘ هل انت متأكد من انني انا هو الشخص المطلوب التحدث اليه حول هذه القضيه ‘ من المؤكد انك تتحدث مع الشخص الخطأ}

المحامي محمد : { - لا ‘ و أن كنت تشك في ذلك انظر الى الاسم الموجود هنا في الوصيه}

خالد : { - اذاً ‘ ماهو نصيبي من الورث ؟ }

المحامي محمد : { - نصيبك ايها الاخ الكريم هو نصف الحلال الا وهو الشركه و مبلغ من المال}
لم يشعر بأنه موجود في هذا العالم ‘ لم يكن يعلم بالتحديد أين هو ‘ هل هذه حقيقه أم خيالٌ يتجسد امامه ‘ كيف حصل كل هذا في غمضة عين ‘ في يوم وليله ‘ بين ليل ونهار ‘ لقد فرج الله عن همه ‘ لقد فتح الله دربه عندما كان مغلقا ‘ و ابعد الله حزنه عندما كان مهموما و استبدله بالفرحه والبهجه ‘ لقد أنار الله حياته فقط بذكره فألا بذكر الله تطمئن القلوب .




                      الجــ الثامن ـــزء :::
         (( شمسٌ تشرق و أُخْرَىْ تَغِيْبْ ))


ها هي الحياه تضيء مرة اخرى ‘ شمساً جديدةً تشرق لأُنَاس و شمس قد تغيب لأُنَاس اخرون . 

أُنَاسٌ يعطيهم الله لانهم صبروا وشكروا الله على نعمه و تحولت النقمه الى نعمه ‘ و أُناس أخرون أخذ منهم الله لكي يبتليهم .
حياةُ خالد قد تطورت الى الأحسن جراء الورث الذي غير مجرى حياته هو و أُخته و امه ‘ شعر و كأن شمساً تطل من بعيد لتبشره بأن الآتي عظيم و أكبر .

لم يزل خالداً مصدوماً ‘ لاشك في ذلك ابداً لأن ماجرى له لم يكن في الحسبان كان فرحاً للورث الذي أُوْدِعَ لَهْ ولكنه في نفس الوقت كان حزيناً على والدته لأن ابوه تزوج عليها ‘ لم يعرف ماذا سيقول لها و لكنه قرر في نفسه ان لا يتفوه بكلمه عن زواج ابيه ‘ أراد فقط ان يفرح قلب فاطمه و امه . كان يركض مسرعا الى الشقه ليبشرهم بالخبر . دخل الصاله و اذا بفاطمه هناك . 
فاطمه : { - مابك ؟ ماهي هذه الفرحه التي تغمرك اخبرنا لكي نفرح معك؟ } .

خالد : { - لن تصدقي يا فاطمه مالذي سأقوله الآن لكي }

فاطمه : { - قل ولا عليك لن اكذبك }

خالد : { - اولا اخبريني اين هي امي؟ }

فاطمه :{ - انها في المطبخ ‘ مالذي جرى هل هنالك مكروه؟}

خالد : { - تستطيعيين القول ان هنالك مكروه ‘ ولكن هنالك ايضاً شيء جيداً قد حصل}

فاطمه : { - ابدأ بالمكروه اولاً }

خالد : { - ابي كان متزوجا من امراه اخرى غير أمي }
فتحت فاطمه عيناها بكل قوة معلنة بالغضب المسيطر عليها من جراء هذا الخبر .

خالد{ - و لكن ابي اودع لنا ورثا و كان نصف حلاله }

اعادت فاطمه ملامحها العاديه و كأن هذا الخبر قد اعاد البهجه الى قلبها .

خالد :{ - لكن رجاءاً لا أُريد ان تعلم امي بخصوص الزواج ‘ اما عن الورث فبلغيها انتي }

فاطمه :{ - ولماذا لاتقوم انت بأبلاغها؟ }

خالد :{ - لانه يجب عليي الذهاب الآن لانني في عجلةٍ من امري }

يخرج خالدا من البيت بأقصى سرعه كان يريد ان يخبر ابراهيم عن هذا الامر فيتوجه للذهاب الى شقته وما أن يصل الى هناك حتى نظر الى رجل ملقى على الارض أمام شقة ابراهيم يركض خالد نحو هذا الشخص فأذا هو ابراهيم و كانت حالته يرثى لها كان و كأنه مضروباً ضربا مبرحا ‘ بقع الدم الظاهره على ملابسه و الكدمات التي على وجهه لا تبشر بالخير ابداً و كان شبه مغماً عليه .

ابراهيم بصوت متعب : { - خالد ارجوك ادخلني الى المنزل }

خالد : { - حسنا ‘ ولكن قل لي من الذي فعل بك هذا هيا اخبرني ؟}

ابراهيم : { - ادخلني بالأول ارجوك }

ادخل خالد ابراهيم الذي كان مكسورا من شده الضرب التي تلقاها ‘ ذهب خالد لكي يحضر له الماء ‘ فأحضر له كأساً من الماء لكي يستطيع التحدث .
خالد : { - هل اتصل بالشرطه ؟}

ابراهيم :{ - لا ارجوك لاتفعل ذلك }

خالد : { - ابراهيم لا تجعل مني منفعلاً أكثر مما انا عليه الآن ‘ من فعل لك هذا قل لي الآن من الذي كان وراء كل هذا وسألقنه لك درسا لن ينساه طيله حياته }

ابراهيم : { - لقد كانت غلطتي منذ البدايه }

خالد :{ - ابراهيم ارجوك ان تخبرني لا استطيع ان اراك في هذه الحاله و اظل واقفا من دون حراك }

ابراهيم : { خالد أنا ... }

خالد : { - انت ماذا ؟ }

ابراهيم : { - انا كنت مروجاً للمخدرات و حينما كنت قد اعطيت احدهم مراراً و تكراراً و قد عودته على ذلك ‘ و بعد أن قررت أن أمتنع من اعطاءه أحضر معه مجموعه من الشباب و ابرحوني ضرباً ‘ لأنني كنت اريد ان اتوب بعد كلامك معي اخر مره }
لم يصدق خالد ان ابراهيم وصل الى هذه المستوى من الدنائه ‘ كان مروجا للمخدرات ‘ هل لهذه الدرجه لا يكترث بجموع الذين قد يضرهم لترويجه للمخدرات . اراد خالد ان يكمل عليه الضرب و لكنه تمالك نفسه وخرج من عند ابراهيم حزيناً على حال ابراهيم وما أتى به لنفسه ‘ كان يريد خالد ان يفرح ابراهيم بالخبر الذي آتى له من اجله ولكن مقابل ذلك خرج من عنده كئيباً مهموماً حزيناً .


الجــ التاسع ـــزء :::
( طَاْقَةْ الْقَدَرِ تُفْتَحْ ):::

و أصبح الحال عند خالد كما لو في الأحلام ‘ و أصبحت شركته صخمة و أصبحت حياته أجمل مما كان يتوقع تحسنت حالته الماديه السيئه و أصبح أسعد من على الكون .

في يومٍ كعادته كان جالساً في مكتب الشركه يحتسي كوباً من القهوه ‘ و يقرأ الجرائد ليعلم ماذا أصاب هذا العالم من مصائب و أخطار .
و حينما كان مندمجاً في القراءه ‘ دخل عليه مساعده لكي يخبره بأن هناك شخصاً لا يريد أن يكشف عن هويته و يقول ان خالد يعرفه معرفةً جيده ‘ يتعجب خالد و يقول في نفسه ترى من يكون هذا الشخص ‘ و بعدها يطلب من مساعده ان يحين له بالدخول .

دخل ذاك الشخص على خالد و ما أن دخل حتى قام عليه خالد و أخذه بالأحضان مرحباً به و فرحاً بعودته ‘ كان هذا الشخص رفيقه مروان الذي كان معه في السجن .
خالد : { - اهلا بك مروان لا تعلم كم سعدت برؤيتك }
مروان : { - و انا ايضاً ‘ لقد قلت لك مسبقاً أن القلوبَ ستتقابل و ها هي القلوب تجتمع مرةً أُخرى }
خالد: { - صدقت القول ‘ اذاً أخبرني متى خرجت من السجن }
مروان : { - قبل بضعه أيام قليله و كنت فيها أرتب اموري }
خالد : { - حسنا ‘ و هل قمت بترتيب كافةِ أُمورك أم هنالك بعضاً منها متبقيه }
مروان : { - في الحقيقه هنالك جزءاً منها و أنت تستطيع أن تُساعدني فيها }
خالد : { - مروان أنت تعلم لو أن هنالك شيئا أستطيع فيها مساعدتك بالتأكيد سوف أساعدك فيها بكل ما أستطيع فما هو هذا الشيء الذي تودني مساعدتك فيه }
مروان : { - أردتُ أن تساعدني لكي أجد مكاناً أتوظف فيه عندك في الشركه ‘ وظفني في أيِّ قسمٍ تُريد ‘ لأن المهم هو أن أحصُلَ على راتبٍ جيد يكفلني و يبقيني على هذه الحياه }
خالد : { - من المؤكد انك قد نسيت أنك أخي قبل أن تكون صديقي ‘ لكن لا بأس من هذا كله سوف أتكفل بهذا الموضوع ‘ لا تشغل بالك لأنك لن تلقى سوى ما يرضيك و يسعدك
مروان : { - لا أعلم كيف لي أن أشكُرك يا خالد ولكن أعلم أنه كان هماً و انزاح عن صدري }

خالد : { - الحمد لله على كل حال }

مروان : { حسناً ‘ يجب علي الأنصراف الآن لا أود أن أُعَطِلُكَ عن عملك أراك لاحقاً }

خالد : { - الى اللقاء }

تفاجأ خالد من زياره مروان له لكنه كان في نفس الوقت سعيداً بقدومه اليه و خروجه من السجن ‘ بعد انتهاءه من العمل رجع الى البيت متعباً منهمكاً و ما أن وصل الى البيت أراد أن يذهب الى غرفته و يغط في نومٍ عميق و لكن عندما دخل وجد والدته منتظرةً له ‘ لم يكن يعلم سبب تواجدها في الغرفه و لكن علم ان هنالك خطبٌ ما ‘ سَلَّمَ عليها و قبل يديها وبعد ذلك بادر بالكلام .

خالد : { - هل هنالك ما هو هامٌ ‘ و تريدين أن تحدثيني عنه بانفراد }

والدته : { - نعم ‘ أردتُ أن أُحَدِثُكَ عن موضوعٍ يَخُصَكْ لكنني لا أريد أخذ رأيك فيه الا بعد أقتناعٍ منك و تفكيرك في الموضوع }

خالد : { - كما تريدين يا عزيزتي و لكن هل لا اخبرتيني الآن }

والدته :{ - لقد كنت عند خالتك في الأمس}

خالد : { - و مالجديد في ذلك انت معها دائماً ليس بالأمس فقط }

والدته : { - لم أكمل كلامي بعد}

خالد:{ - أسف يا أمي تفضلي و تابعي}

والدته:{ - فكرت طويلاً انه قد حان الوقت لكي تستقر وتبني أسرةً تُحِبُكْ لذا قررت أن أخطب بنت خالتك لك }

خالد : {- وأيُّ واحده تعنين ؟}

والدته: { - شوق}

خالد : { - لا أعلم ماذا أقول لكي }

والدته:{ - لا تقل شيئاً الآن فكر ملياً في الموضوع }

خالد : { - حسناً لك ذلك

قامت والدته من على السرير لكي تجعله يفكر على راحته و حينما أهمت بالخروج طلب منها خالد أن يتركوه نائماً الى حين صلاه العصر و بعد خروج أمه فكر بكلام أمه و كيف أن الله قد سهل عليه كل شيء من بعد ذاك اليوم .

أخذ يفكر بما حصل له في الشركه من بعد مقابلة مروان ألى حديث أمه عن شوق . بالفعل كان القدر هو من جمعهما في المستشفى من دون سابق أنذار و ها هو ذا القدر يلقي أمامه طريقاً مسهلاً له ‘ بدون أيِّ عواقب ليجمعهما معاً و الى الأبد .

ربما يكون طريقاً ممهداً في البدايه و بعدئذٍ ربما يمتلئ هذا الطريق بالأشواك المضره و ربما يكون العكس فمن يدري ماهو مصيره على هذا الكوكب بالتأكيد لا أحد .



الجــ العاشر ـــزء:::
(وَ مَاْ أَنْ أَرَادَ الله):::





للتوبه شروط الا وهيَّ أن تكون صادقه . ولذلك يبتلي الله العبد لكي يُخَفِف ذنوبه فأذا صبر و شكر بدَّلَ الله ذنوبه بحسناتٍ عظيمه .


كانت توبته قد أوشكت على البدء بعد أخذه لنصيحه خالد ‘ كان ابراهيم قد بدأ تدريجياً باتخاذ أول قرارٍ صائبٍ له في حياته و هو الرجوع المولى عز وجل و لكن خبرٌ ما لم يسره بعد ذاك اليوم المشؤوم تمنى لو أنه توفي قبل ذلك .
ابراهيم : { - ما الذي جرى ؟
المتصل : { - نريدك أن تأتي الى المستشفى حالاً و بسرعه }
ابراهيم : { - حسناً ‘ دقائق و سأكون هناك بأِذن الله }
أغلق ابراهيم الهاتف و كاد أن يطير الى المشفى و ما أن وصل و دخل عند الطبيب حتى دار بينهم هذا الحوار .
الطبيب: { - نأسف على أزعاجك في هذا الوقت
ابراهيم : { - ما خطبكم أجبني أيها الطبيب ؟
الطبيب : { - في الحقيقه أنت مؤمن بقضاء الله و قدره و أرجو أن لا تفقد أعصابك لهذا الموضوع الذي سأُحدِثُكَ عنه }
كان ابراهيم في هذه اللحظه فاقداً للأمل لا يعلم ما الذي حدث و ماذا جرى كان شاكاً أن الموضوع يدور حول أمه و لا يريد أن يعلم عن ذلك لأنه من الممكن أنه سينهار على أثر هذا الموقف.
الطبيب :{- أمك لديها سرطان في الدم ‘ و سرطان الدم انتشر في جسمها و لم يعطينا ايُّ فرصه لمعالجتها أو انقاذها كلُ ما علينا فعله الآن هو الأنتظار الى أن يأخُذَ الله أمانته ‘ أرجو منك أن تقوي أيمانك و تحتسب الأجر عند الله }
لم ينطق ابراهيم بأيِّ كلمه ‘ أمسك على طرف المكتب لكي يحاول النهوض لكنه كاد أن يقع من طوله ‘ يقوم الطبيب بفزع ٍ ليساعده على النهوض لكن للحظه شعر ابراهيم أن الدنيا أصبحت سوداء أمام عينيه و أنه لم يكن قادراً على التحرك ‘ فكان قد أُغْميَ عليه من هول الصدمه .
بعد بضع ساعات فتح ابراهيم عينيه بثقل ليدرك أنه في المستشفى و تذكر ما حدث له و حينما تذكر خبر مرض والدته أنهمر بالبكاء ‘ لم يكن يتوقع أن يحث له ما حدث و لم يستوعب ابداً ما حدث له .لكنه بعد بضع دقائق طلب من الطبيب أن يسمح له برؤية أمه فسمح له الطبيب بذلك شرط ألا يكون ضعيفاً أمامها فتكون هي الأُخرى حزينه و متضايقه .
ذهب ابراهيم اليها فتح الباب و أطلَّ عليها بنظرةٍ حزينه و كانت هي نائمه و وجهها كان شاحباً لم يستطع تمالك نفسه دمعت عيناه فاستسلم للبكاء أقبل عليها يُقبل رأسها كان قلبه يقول لها
" سامحيني أُماه أرجوك سامحيني لقد كنتُ بعيداً عنك طيلة فتره حياتك و ها أنا الآن راجعٌ اليك لكن بعد فوات الآوان و حينما قررت العوده سوف تذهبين مني أرجوك أمي لا تتركيني وحيداً في هذا العالم ‘ سوف أضيع من دونك أمي أحبك غاليتي أرجو منك أن تعفي عني لقد كنت فعلاً مخطئاً  و لو كان بمقدوري أرجاع الزمن الى الوراء لما ترددت لحظةً في ذلك".
استغرقت دموعه بالنزول دون توقف أراد لحياته أن تنتهي أراد أن يتخلص من حياته و لكن لا يريد أن يرى أمه تذبل أمامه وهو عاجزٌ لا يستطيع فعل شيء . موقفٌ صعب و ما حدث له كان أصعب أدرك أن الحياة فعلاً ليست لها قيمه من دونها ‘ أحس أنه سيكون الميت الحي بعد وفاتها . 
ربما كان هذا مجرد ابتلاءٌ من الله لابراهيم بعد أن قرر بالتوبه ‘ و من المؤكد أنه سيتجنب هذه المرحله و أذا كان ابتلاءٌ له من الله فمن المؤكد أن الله أذا أحبَّ عبداً ابتلاه . و ها قد ابتلى ابراهيم بأعظم مصيبةً له فما أقساه من موقف وما أعظمه من ابتلاء .



الجـــ الحادي عشر ــــــــزء :::
( لَيْلَةْ الْعُمْرْ) :::



خالد:{- لقد فكرت ملياً في الموضوع و أنا موافق } 
تدمع عينا والدته و فرحاً يغمر فؤادها ابنها الوحيد قرر و أخيراً أن يتزوج . 
والدته : { - اللهم و لك الحمد }
لم تستطع والدته تدارك فرحتها فذهبت الى فاطمه لكي تخبرها و حينما أخبرتها ذلك عرضت فاطمه على أمها الذهاب الى خالتها وافقت على ذلك و طلبت من خالد توصيلهما .
بعد وصولهما أخذت فاطمه بيد شوق لتُخبرها عن الأمر بينما كانت والدتها مع خالتها يجهزان لكل شيء فما كان من خالد الا أن يوافق و يدع حرية التصرف لوالدته و خالته و بعد موافقته تكفلت أمه بالباقي.
فاطمه : {- مبروك مقدماً }
شوق:{ الله يبارك فيكِ}
مشاعرٌ خالجت فاطمه لأن رد شوق كان بارداً نوعاً ما ‘ أيُّ فتاةٌ تُقبِلُ على الزواج يكون الحياء قد اكتساها عندما يبارك لها أحدٌ من العائله ألا اذا كان  في الموضوع شيئاً أخر .
بادرت فاطمه بالكلام .
فاطمه : { - ما بالُكي هكذا ‘ لقد كنتي موافقةً من قبل هل هنالك ضررٌ ما ؟ }
شوق : { - و هل قلتُ غير ذلك ‘ لقد كنت موافقه و لازلتُ موافقه}
فاطمه:{- و لكنه لا يبدو عليكي الفرحه}
شوق:{ - أنا أُعبرُ عن فرحي بطرُقٍ مختلفه ‘ ربما أكون أمامك غير مباليه و لكنني من الداخل لا أستطيع أن أَصِفَ فرحتي }
فاطمه : { - أتَمَّ الله عليكم بكل خير }
هكذا انتهى حوارهما كان لهفةً لزواجِ أخيها خالد و من جهةٍ أُخرى اللامبالاه يلعب دوره مع شوق.
لم يرغبوا بتأجيل الموضوع أكثر بل أرادوا أن يُسعَدوا بما أنه ليس هنالك عائقٌ يمنعهم من ذلك.
فبعد تجهيزاتهم و ترتيباتهم و قرارهم بأن الخطبه و الزواج ستكون معاً لأنه لا داعي للتأخير الذي قد يطيل الموضوع دون حاجه .
و هكذا بدأت الأيام تجرُ بعضها البعض ألا أن حان اليوم الذي سينتقل خالد من حياة العزوبيه الى حياه أُخرى. 
كانت والدة خالد و أخته فاطمه سعيدتان أكثر من أيِّ يومٍ في حياتهم كيف لا و خالد سيصبحُ متزوجاً بعد بضع ساعات .
تفصلها مسافه و لن تُصبح بعد اليوم بنتاً شابةً تحمل همها بنفسها بل ستصبح أمرأةً و بعد أن يُقدّرُ الله ستُعيلُ بيتاً بأكمله أمرٌ صعب التوقع كيف تمر الأيام و السنين و الشهور هكذا بدون الأحساس بهم ‘ مرت السنين و ستصبح أمرأه من خلال ورقةً توقعها بقلم.

بعد لحظات وصلها كتاب عقد الزواج لكي توقع عليه و ما أن قامت بالتوقيع عليه ألا أنها أغلقت صفحةً مطويةً في حياتها ‘ لتعود الآن و تكمل مشوار جديد .

شوق :{- نعم و أنا أيضاً موافقه} .



الجـــــ الثاني عشر ــــزء :::
( قِصَةُ حُبْ أَمْ صَفْقَةٌ تِجَاْرِيهْ ) :::
لم أدري أين كانت عني طول الدهر ‘ هي من كنت أبحثُ عنها لأكمالِ دربي في حياتي أحبتها نفسي ‘ كانت جميع ما أملك بالنسبةِ لي ‘ أعطيتُها قلبي دون اعتراض لم أكتفي فقط بذلك بل أعطيتُها أملاكي ثقتاً بها .
أحببتُ مفاجأتها ذاتَ مره و كتبتُ جميع حلالي و أملاكي باسمها ‘ بالفعل حبي لها جعلني شخصاً أخر ‘ شخصاً يسبحُ في بحرها العذب و يسكن في عالمها الذي وددتُ لو أن أبقى فيه طيلة حياتي.

مرت علينا أيام الزواج كأيامٍ رائعه لا مثيل لها في الوجود فكانت أسعدُ أيامي .

أذكرُ ذات مره بعد عودتنا الى المنزل و بعد قضاءنا لشهر العسل بعدة أيام ‘ لم أكُنْ متوقعاً منها هذا التصرفِ مطلقاً أتت اليَّ شوق قائلةً لي بكُلِ جديه :

شوق : { - أريد أخذ رأيكَ في موضوع

خالد : { - قولي و كُلي آذانٌ صاغيه

شوق : { - لقد دعتني صديقتي للسفرِ معها }

خالد : { - و أذاً !! }

شوق : { - في الحقيقه أريد أن أسافرَ معها }

صدمتني ردة فعلتها ‘ كيف لها أن تتركني و نحن في الشهور الأولى من زواجنا ‘ لكنني فوق ذلك لم أرغب برفض طلبها للذهاب مع صديقتها فوافقت على طلبها ‘ لأنني من شدة حبي لها لا أرفضُ لها طَلَباً .

و في ذاتَ مرةٍ أيضاً فاجأتني بما قالته.

شوق : { - أريد أن أقترض مبلغاً باهظاً من المال }

خالد : { - و على ماذا ستنفقينه ؟ }

شوق : { - على فستانِ سهرةٍ لي مع صديقاتي}

خالد : { - لكنكي اشتريتي فستاناً بنفس القيمه الشهر الماضي فلا تُسرفينَ مالاً كثيراً لأنه كما يقال دعي فلسك الأبيض الى يومك الأسود}

شوق : { - لا داعي لأعطائي دروساً في الفلسفه سوف أشتري هذا الفستان و أن كلفني هذا عمري كله

بالفعل تفاجأتُ منها عند هذا الحد لأنها ساومت حياتها بفستانِ سهرةٍ لا يسوى عندي شيئاً مقابلَ حياتها ‘ لذلك من حبي الصادق لها سمحتُ لها بشراءه و أخبرتُها بأن حياتها عندي تسوى الكثير لدي لأنني أصبحت لا أقوى بالعيش دونها .

قَطَعَ عليي ذكرياتي رقماً غريباً على هاتفي ترددتُ في الرد علييه كان قلبي مقبوضاً جراءَ هذا المتصل الغريب . 

بعد فترةٍ وجيزه قررتُ أن أرُد علّهُ كان اتصالاً مهماً .

بعد أن أجبتُ على المتصل أحسست بأن الدنيا تدور من حولي لم أشعر بنفسي الا و الدموع تنهمرُ من مقلتي بغزاره لتُغطي وجنتي بالدموع .

بكى خالد أثر موقفه الذي مرَّ به بكى و متى يبكي الرجُل ‘ 

يبكي عندما يُفارق أناسٌ أَحبَّهُم و كانت روحه مُعلقةً بهم ‘ و يبكي أيضاً عندما تحينُ ساعةُ الفراق لأُنَاسٍ سكنوا القلوب و كان حياً بهم ‘ في هذه الحالات تكونُ دمعة الرجُل هي سلاحهُ الوحيد لأنه عاجزٌ عن الكلام فتكونُ دمعته سلاحاً للتعبير عما في خاطره ‘ فأذا هي دمعةٌ تُعبر عن حُزنه و آلامه .






الجـــــ الثالث عشر ـــزء :::
( رُوْحٌ مَدْفُوْنَهْ ) :::




كانَ خبرٌ صُعِقَ فيه جوارحي و نفسي ‘ و ددتُ لو أنني لم أُوجِد بهذه الدنيا في هذه اللحظه ‘ وددتُ لو أنني رافقتهم و أنقضى عمري مع عمرهم ‘ تذكرتُ أَخِرَ مره عندما ألقيتُ عليهم نظرةً مودعه في المطار لذهابهم لأداءِ العمره وكان خالي معهم مُحرماً لهم ‘ و قد منعني للذهابِ معهم مشروعٌ مهم خلال يومين و بعد ذلك نلحقُ بهم بعد يومان أنا و شوق سوياً ‘ و لكن اتصال خالي جعل مني شخصاً منهار القوى .
خالي : { - السلام عليكم يا خالد }
جالد : { -
وعليكم السلام ‘ كيف حالكم هل أموركم بخير ‘ أريد أخبارك أيضاً عن موعد طيارتنا اليوم الساعه العاشره مساءاً و سوف تصل على الساعه الحادي عشر تقريباً الى مطار السعوديه ... }
لم أكمل كلامي بعد و قد سمعت كلام خالي بصوتٍ حزين يتقطع عليه القلب .

خالي : { -
خالد عظم الله أجرك }
كنت شاكاً فيما سمعت قلتُ له و الحيره تملئُ قلبي و عقلي .

خالد : { -
ماذا تقول ‘ ماذا تقصد قول لي يا خالي تكلم أرجوك
خالي : { -
حينما كنا قد أدينا العمره كانتا فاطمه و أمك تعبتين و أرادتا الذهاب الى الفندق و بما أن الفندق بعيد عن الكعبه ركبتا سيارةَ أٌجره لتوصلهما و أما أنا فقد كنت أُريد قضاءَ بعض الوقت في الحرم المكي ‘ و عندما كانوا في الطريق و أذا بشاحنه كبيره تصدم فيهم و تجعل منهم جُثَثاً مُمَدَّدَهْ على الأرض ‘ خالد احتسب الأجر عند الله و قُل أنا لله و أنا اليه راجعون و لا تفقد أعصابك أَعْلَمُ أنك أقوى من ذلك و هذا قضاءٌ و قدر من الله تعالى }
لم أنطُق بأيِّ كلمه ارتميت بنفسي على الأرض ‘ ركضت اليَّ شوق نحوي عندما شاهدتني في حالة صدمتي المروعه ‘ دمعةٌ حارقه نزلت من مقلتي ‘ استغربت شوق من وضعي الذي كنتُ عليه أقبلتْ تسألُني بفزع .

شوق : { -
خالد ما الذي جرى لك ‘ هل هنالك خطبٌ ما أرجوك أخبرني ماذا دهاك ؟}
لم استطع الرد عليها صدمتي كانت أقوى صدمه تلقيتُها في حياتي لم اتوقع يوماً أن يحدث معي هكذا .
بعد مرور بضع ساعات و بعد أتلاف اعصاب شوق التي لم تعلم مدى حزني المفاجئ ‘ أقبلتُ أُخبِرهَا بما جرى لكن لم ألحظ منها الا صدمةً خفيفه و كأنه موضوعٌ أقلُ من عاديٍ لديها بادرت بكلامها موجهةً أياهُ لي بكُلِ جديه .

شوق : { -
أُريد أن أًخبرك بأنني معزومه على عرس أحدى صديقاتي المقربات الليله ‘ و عليي الذهابُ الآن الى الصالون و بعدها سأمُرُ على السوق لشراء أغراضٌ لي ‘ نعم و كدتُ أنسى أيضاً شيئاً مهماً لا داعي لأن تنتظرني الليله لأنني سأعود عند حلول الفجر
لم أُصدق نفسي هل هذه شوق التي عهدتُها أم أنها نسخةٌ شيطانيةُ منها ‘ هل لهذه الدرجه دموعي و انكساري لا تُهمُها ‘ و وفاةُ أمي و أختي هل هذا من أخر اهتماماتها ‘ لن أقول عنها أنها غريبةٌ عنَّا لأن أمي هي خالتها و فاطمه هي ابنةُ خالتها ‘ من ماذا صُنِعَ قلبها بل من ماذا صُنِعَتْ هي ‘ على اعتقادي كان من المفروض أن تكون أكثر حُزناً مني ‘ لكن لا أعلم ماذا دهاها فجأه الله المستعان .

صرفتُ نظري عن موضوع شوق ‘ و دخلتُ في دوامةِ أفكاري على حالتي بعد فقداني لاشخاصٍ كانوا سر وجودي في هذه الدنيا ‘ بكيت عندما تذكرت جميع لحظاتي التي جمعتني مع فاطمه كانت أكثرُها سعيده بل و جميله كانت أقربُ لي من طيفَ روحي ‘ كانت نصفيَّ الآخر ‘ من سيحُلُ هذه المكانه التي تملكتيها يا فاطمه لم أرى الا بريقُ عينيكي عندما كنتُ مودعاً لكم ‘ و أمي يا أغلى البشر يا من كنتي دوائي ‘ و يامن كَبُرَتْ همومكي معنا ‘ لقد اشتقت لكم هل سأحيا على طيف رحيلكم ‘ ليتني كنت معكم ليتني استطعت أن أكون بجانبكم الآن . 

دموعٌ اكتست وجنتاه كطفلٍ رضيعٍ فقد حنان والديه و لكن في الحقيقه فقد حضن أمه و أخته اللتان كان عائشاً بهم و لأجلهم .

ما كان عليه الا أن يتضرع للرحمن ليكشف عنه الضر ‘ قامَ ‘ صلى ‘ قرأ القرآن ليشفي قلبه الحزين ‘ رفع يداه للسماء داعياً من كل قلبه مُناجياً له ‘ صادقاً بكل كلمه تنبعُ من قلي رَجُلٍ مكسور الحال أنهكه متاعب الزمان ليلقى ملجأه و مبتغاه عند بارِءِهِ الذي يقبلُ دعوةً تنطلقُ من أفواه عباده.

"
اللهم ثبتني على مصيبتي و اخلف لي خيراً منها "
كانت أخر دعوةً خرجت منه مسح وجهه بيديه.

رحلةُ العناءِ قد بدأت مع خالد كانت بدايتها فقدان أشخاص عزيزه ‘ ربما لم يكن فقط قد خسر أمه و أخته بل و خسر أيضاً نفسه المتعلقه معهم فكان خالد حياً لكنه فاقداً لروحهِ التي دُفِنَتْ معهم .





الجــــ الرابع عشر ـــــزء :::
  ( حَقِيْقَةً تَجْرَحُ نُفُوْسَاً مُخْلِصَهْ) :::





مرت الأيام تجرُ بعضها بعضاً كدهرٌ من الزمن ‘ أيام العزاء قد مضت و كانت أسوء الأيام عند مرورها علي ‘ كانت الفرحه قد نُزِعَتْ من قلبي عند فراقهم لي ‘ أملي الوحيد لي في هذه الدنيا كانت شوق ‘ ربما كنت مخطئاً في حقها طيلة الشهر ‘ فقررت الذهاب اليها لأُطَمْئِنْ قلبي عليها ‘ ذهبت متوجهاً الى الغرفه لكنني لم أجدها ربما ذهبت كعادتها ‘ كان يجب عليي أن أذهب و أروحُ عن نفسي ‘ أول من كان قد خَطَرَ على بالي مروان اتصلتُ به لأعلم ما أذا كان موجوداً في شقته . 

خالد : { - مروان ‘ هل باستطاعتي القدوم اليك في شقتك أنني أشعر بضييقٍ نفسي
مروان : { - بالتأكيد ‘ تفضل و سأكون بانتظارك
خالد : { - حسناً ‘ سأكون عندك بعد دقائق الى اللقاء }
وأغلقتُ الهاتف و توجهت الى شقته .
كان باب شقته مفتوحاً دخلت و كان جالساً بانتظاري قام مقبلاً عليي و استقبلني بالأحضان فما كان مني الا أن أُبادِرَهُ الحضن و أنا كُلي شعورٌ بالراحه ‘ كان بالفعل الصديق المتواجد وقت الضيق كنت أعلم بما قد جرى لوالدة ابراهيم و لم أشأ مضايقته أكثر فما كان مني الا المجيء الى مروان و كان اختياري في مَحَلِّهْ.
مروان : { - ما هي أحوالك هل تشعر بتحسن الآن
خالد : { - لم أشعر بتحسن و لن أشعر بتحسن بعد أن فقدتهم ‘ لكن ما أعلمُهُ هو أنني سأظلُّ بكامل قوتي الى أن يفرجها ربي
مروان : { - أحسنت بالفعل المطلوب في الأمر هو الأستعانه بالله و عدم اليأس فلربما عوضك الله بما هو أحسنُ لك }
شعرت بقليلٍ من الارتياح عندما أتيت الى مروان بدأنا بالحديث عن الكثير من الأمور الى أن قررتُ الرحيل لكي لا أتأخر عن شوق ربما ستكون بانتظاري في المنزل .
خرجت و توجهت الى المنزل و ما أن وصلت الا أن خاب ظني و لم تكن شوق بانتظاري كما توقعت بل ولم تكن موجوده في المنزل و لكن لمجرد ثواني فُتِحَ الباب و لقيتها أمامي.
خالد : { - أين كنتي طيلة هذا الوقت المتأخر من الليل ؟ }
شوق : { - أين سأكون برأيك كنت مع صديقتي في المجمع التجاري }
خالد : { - و هل برأيُكِ ان هنالك أمرأةٌ محترمه تكون في المجمع التجاري في هذا الوقت المتأخر ؟ }
شوق : { - و ماذا تقصدُ بكلامك هل تقصد أنني أمرأةٌ غير محترمه ؟
خالد : { - نعم ‘ قصدتك أنتي و صديقتكِ التي معك }
شوق : { - يبدو أن هنالك خللٌ قد أصابك بعد وفاةِ أمك و أختك
في هذه اللحظه لم أرها الا و هي ساقِطَةً على الأرض من الصفعه القويه التي تلقتها مني ‘ قالت و علامات السخريه و الغضب على ملامحها .
شوق : { - هل تعلمُ أنني تزوجتك و أنا مجبوره ‘ لم أكن أريد منك سوى مالك و ماتملك ‘ لم أُحبك يوماً قط ‘ رغم حسن معاملتك معي الا أنني كنتُ أُشفق على حُبَّكَ لي ‘ كنت سأطلب منك الطلاق ريثما أظمن أن جميع أملاكك أصبحت ملكاً لي وقد استوحيتُ عليها ‘ و ها أنت قد كتبت جميع حلالُكَ لي و بأسمي ‘ و كنت سأطلب منك الطلاق في هذه الليله نعم كنت طامعةً على حلالك و كان زواج مصلحه لا غير 



.
شفقه ‘ مصلحه ‘ لا غير ‘ طلاق ‘ طامعه ‘ مجبوره ‘ كلماتها غرزت سهماً في قلبي ‘ لقد جعلت قلبي ينزف نزفاً ولن يتوقف أبداً ‘ جرحُها لي كان قوياً ‘ لم أعلم ما كان بوسعي فعله هذه اللحظه الشيء الوحيد الذي علمته هو أنني كرهتها للحظه ‘ فتظاهرتُ أمامها بالقوه ولكنني بدوت لنفسي من الداخل ضعيفاً مهزوماً فقلت لها قبل أن تنزل دمعتي من هذه المشاكل التي واجهتني و التي استبدَلَتْ قوتي بالضعف . 
خالد : { - أنتي طالق
كانت كلمتان ليست الا ‘ لكنها أكبر من ايِّ عشر كلمات . قلت لها ذلك و شاهدت ظلها يودعني و يقولُ لي وداعاً وداعُ بلا رجعه لتخرُجَ من الباب و تُخَلِفَ من ورائها ضحيه من ضحاياها.
تداركتُ دمعةً أوشكت على النزول ‘ لكنني قمت بالتخلُصِ منها ‘ ليس هنالك سبَبٌ يستحقُ فيه نزول دمعتي ‘ لقد حطمتني نعم ‘ لقد جرحتني نعم ‘ و لقد كرهتُها نعم ‘ و لكن هل ستُبكيني بالتأكيدِ لا . 



الجــ الخامس عشر ــــزء :::
(الرّضَىْ كَنْزٌ لاْ يُفْنَى) :::






(( و ماذا بعدئذ رحلتموا مني و ليس لديَّ أمل ٌ للقائكم مجدداً ليس مني الا أن أُجدد بقايا جروحي علِّيِّ أستطيع بعد ذلك العيش كأي شخص على وجهه الأرض )) 


مرت سنه كامله و أنا أتجرعُ آلام ذاك الموقف الذي مرَّ بي ‘ بعدها ذهب كلانا الى طريقان ‘ و كما كُنّا مختلفيين من البدايه أصبحنا مختلفيين في النهايه .

أخذتْ جميع ما أملك و توجهتْ الى طريقها لكي تُكمل فيه ما تبقى من حياتها ‘ وددت لو أن ألحق بها لأهديها هديه عباره عن صندوقٍ حجري و في داخله قلبي المتحجر الذي جَعَلَتهُ كقلبها تماماً ‘ و أردت مقابل ذلك استرجاع قلبي الذي اعطيتُها ‘ قلبي الذي كان يحوييها و لم تُقَدِره كما هو بل للأسف غرزت فيه سكاكينُ غدرها و خيانتها . 

سنةٌ كامله مضت حاملةً معها هموم عشر سنين ‘ سنةٌ كامله وددتُ فيه لو أنني مُحيتُ من هذا الوجود .

أذكرُ عندما أُصدِرَ الحُكمْ بأن ما أملكه صار ملكها حتى الشقه أصبح ملكٌ لها ‘ لم أدري الى أين ألجأ فما كان مني الا أن توجهت الى ابراهيم . 
كانت حالته هو الآخر تُدمي القلب كان جالساً على السجاده و هو يبكي و يدعي ربهُ بأعلى صوت دمعت عينيي أثر الموقف و كيف أن هداه الله لما هو أحسن . قربتُ منه كي أواسيه ‘ و أعلم سبب بكاءه .

خالد : { - ما كل هذا البكاء و الحزن اللذان اجتمعا عليك مرةً واحده معاً ؟}

ابراهيم : { - دعني أحزن و أبكي علَّ و عسى يُكَفِّر المولى عز وجل من خطيئاتي و سيئاتي

خالد : { - اذاً قُل لي ‘ هل زُرتَ والدتك اليوم

زادت ملامحه الحزينه بالبروز أكثر عَلِمْتُ اثرها أن هنالك خطبٌ ما قد حدث . 

خالد : { - هل انتقلت الى رحمة الله ؟

زاد بكاءه كان حزيناً تماماً كما كنتُ من قبل ‘ حضنته و واسيته ‘ حاولت قدر الامكان أن أتمالك نفسي و أن لا أنهار بالبكاء معه لأنني اذا قمت بذلك فستزداد حالة حزنه .

الحياه هي تلك المطبات التي تواجهه كل انسان قد تأتي دفعةً واحده و قد تأتي على دفعات لكن ليس علينا الا أن نتماسك لكي يستمر وجودنا فيها . لحظاتٌ و بعدها رجعتُ الى أرض الواقع و أين كان واقعي لقد كان في شقة ابراهيم .
قمت لكي ابحث عن ابراهيم لكنه ليس في الجوار استغربتُ حالَ عدم وجوده ‘ قَطَعَ عليي حبل أفكاري آذان العشاء ذهبت و توضأت صليتُ و بعدها تمنيتُ أخر أمنيةً لي راجياً من الله أن يحققها لي أياه ‘ ذهبتُ بعدها لكي أنام نمتُ بسكينه و طمأنينه راضياً بما قد قدمه الله لي في حياتي ‘ راضياً بموتِ أمي و أختي ‘ و راضياً بجعلِ شوق سعيدةً مع رزقي الذي أراد الله به أن يكفيني شره ‘ راضياً بما قد قدمته بهذه الدنيا .



الجـــ السادس عشر ـــزء :::
( نُقْطَةْ النِّهَاْيَهْ) :::

أتيتُ الى شقتي و الأبتسامه تعلو على وجهي لأُخبر خالد ماذا قد حلَّ على شوق كنتُ فرحاً لأجله رغمَ علمي بأنه سيكون حزيناً بما قد جرى لها لكن الله يمهل و لا يهمل .

دخلتُ و أنا أُنادي بأعلى صوت "خالد" "خالد أين أنت" ‘ لكني لم أسمع منه رداً ليس من المعقول أن ينام في هذا الوقت المبكر لأن بعد حالته التي اصابته كان من الصعب عليه أن ينام كان معتاداً أن ينام متأخراً ‘ ذهبتُ أجري الى الغرفه لقيتُ جسده على السرير ذهبتُ أوقظه بشده لكي يقوم لكن ما من مجيب ‘ هززته لكن ما من فائده ‘ وضعت يدي تحت مكان خروج النفس منه و أمسكت بيده لأقيس نبضاته ‘ الا أن تبيَّن لي أنه قد توفي .


كانت ليلةُ الأمس أخر يومٍ لي معه لم أستطع البكاء جفت دموعي ‘ و مشاعري كلها اختفت ما كان مني الا أن أجلس كالبهيمه من دون عقلٍ و لا وعي فزعٌ يجتاحُ داخلي ‘ الا أن أَعْلَنَتْ دمعةٌ واحده على السقوط و تبعتها سيلٌ من الدموع و أنا أقولُ بصوتٍ مكتوم :


" أردتُ أن أخبرك ماذا حلَّ بشوق انظر ماذا فعل الله بها لقد كانت على علمٍ بِرَجُلٍ أخر عند زواجكما و بعد أن أحبته اعطته جميع ما كنت قد اعطيتها على طبقٍ من ذهب بعدها خدعها و فرَّ هارباً دون أن يترك أي أثر خلفه ‘ كنت أعلم يا خالد أنك لن تفرح بما قد حلَّ بها لكنني أردتُكَ أن تسمعها قبل أن تموت و لكني لم أُفلح بذلك 

}

 .


بعد أن كفنوه و وضعوه على الألواح كان مروان و طلال أيضاً معنا كنا نحمله على الأكتافِ لكي ندفنه ‘ لكي ندفُنَ شخصاً أحتل مكانةً كبيره في قلوبنا أحببناه بصدقِ نيه كما أحبنا كيف لا و قد كان دورهُ كبيرٌ بيننا .


وصلنا عند القبر لكي ندفنه ‘ أنزلنا عليه التراب ببطئٍ شديد ‘ نظراتنا له كانت أخر النظرات ‘ ودعناه بنظراتنا ليس ألا و انتهينا عند تلك النقطه فكانت نقطة نهايته في دُنيته‘ ليبدأ بنقطةٍ جديده لأخرته و حياةً جديده تحت الأرض وهكذا انتهت حياته كــ ( نقطه أول السطر) ..






الأهداء الأخير :::


بعد انتهائي من هذه الروايه كان قد خالجني شعورٌ من التعاسه لنهايه خالد التي نَسَجَتها مخيلتي ‘ و شعورٌ أخر من الفخر لأنتهائي من روايتي الاولى ‘ كنت اعتقد بانني لن أستطيع من انهائي لها لكن أصراري كان عكس اعتقادي .


فَرِحَةً بما قد نَثَرَتْهُ محبرتي و ما قد خططته يداي من أحرفٍ و كلمات .
فعلاً أثبت موهبتي التي تكمنت بداخلي مدةً طويله و ها أنا اخرجها بكل قوةً مني لأحصل منها على ما أُريد فرسمت روايه مرتبه احداثها من نسج الخيال ليس الا ‘ ولكن قد يظن البعض منكم أنها واقعيه لتشابهها بالواقع .
و في النهايه أترك بصمتي للمزيد من الأبداع للأنطلاق في بحرٍ من أبداع مخيلتي ‘ تحياتي لكل من حفزني بالأستمرار و أشكر كل من كان يتابع الروايه خلف الكواليس ‘ و أشكر من ساعدني في هذا والديَّ العزيزان أطال الله في عمرهما و اسكنهما فسيح جنانه . 



"""و الشكر الخاص المرصع بالألماس لحبيبة روحي و مبدعتي و معلمتي أختي الفاضله أشكرك للتطوير في كتابتي التي كانت بحاجه للَمْسَتُكِ الرونقيه و مساعدتي في الكثير و الكثير مبدعةً أنتي أكثر مني و لاشك في ذلك ‘ فلكي خالص شكري و تقديري و حقق الله لكي مرادكي ‘ كما كنتي معي وقت حاجتي اليكي فأثبتي لي بأنه في مقدوري فعل الكثير بعد أن يأستُ ذاتَ مره فقمتي بروح الأخوه برفع معنوياتي المحطمه ‘ فعلى قدر ما سطرتْ يداي على قدرِ ماكان دورك في هذه الروايه جزءاً كبيراً فيها لكي مني خالص احترامي ..


أشكركي لأنك جعلتيني أعيش دور الكاتبين دمتي لي أُخيتي و شكراً لكي . ""

0 التعليقات: